من النادر في التاريخ أن يُخلق إنسان من أجل خدمة رسالة إنسان آخر. هذه هي القصة الأسطورية للشخصية الفريدة الموقرة، العباس بن علي، شقيق حفيد خاتم الأنبياء، الحسين بن علي. إن حياة العباس ووفاته تشهد على تفانيه المطلق في مهمة الحسين في خدمة وحماية دين الإسلام وتسلط الضوء على الصفات الرائعة التي جسدها، وأبرزها الفروسية والولاء والتضحية والإخلاص لأفراد الأسرة النبيلة المطهرين. لم يكن معصومًا من الخطأ، لكنه جسد مكانة العصمة وأظهر أفضل مثال للعبد الصالح لله ورسوله، والذي ظهر في يوم عاشوراء. بصفته حامل لواء الإمام الحسين وعموده الفقري، ضحى العباس بحياته وهو يجلب الماء لإرواء عطش النساء والأطفال في معسكر الإمام الحسين.
إذا كان هناك وجهان لعملة واحدة، فإن الحسين والعباس وجهان لتلك العملة الذهبية. فلا عجب أن يقف مرقدهما التوأمان في انسجام تام مع بعضهما البعض. حيث يتوافد الملايين إلى مرقده كل عام لتقديم الاحترام وطلب الحاجات على بابه، نظرًا لمكانته الرفيعة كـ "باب الحاجات". يقدم هذا الكتاب مقدمة عن هذا القديس العظيم في تاريخ الإسلام، الذي كان رجل مبدأ وأخلاق وتفانٍ وإيمان لا يتزعزع في مواجهة الطغيان.